أنت تحلم يا احمد!
قالها زميلى الجاس بجانبى فى السيارة وأكمل ضاحكا : ماتطلبه هو المستحيل بعينه وإذا وجدته ستجده فى الحلم . وبدأ فى هستيرية ضحك
نظرت له فى ضيق ثم نظرت الى النافذة وسرحت ... تخيلتها بشعرها الاشقر المنسدل المعقود كذيل الفرس بشريطة حمراء... الوجه الابيض كالبدر ...الوجنتين الحمراوتين كالورد ... الابتسامة الصغيرة التى تزين ثغرها ماتراها حتى تنسى كل حزن فى الحياة ويصبح أى هم مهما كان ثقيلاً اخف من الهواء ...أه كم تمنيتها.
قلتها فى نفسى وفى شوق دفين تمنيتها بعينين جميلة عسلية وناعمة هادئة و هائمة تسبح فيها فلا تجد لها أخر يحفها روش ناعمة ووديعة ..ياااه.. كم تخيلت شفايفها حلوة كسكاكر الاطفال ..ناعمة كالثمرة الصابحة.
أتخيلها وردة متفتحة تنثر الرحيف على اطراف الحياة فتفوح منها عطر البهجة والفرح ...يااااه... أحسست بخفقان قلبى وأنا أتخيلها ولكنى لم اجدها ولا أعرفها ولمن أراها لكى أعرفها كل ما أعرفه أنها مسيطرة على تفكيرى وعلى قلبى وعواطفى واكنها غير متجسدة فى حياتى فهى تعيش فى خيالاتى وغياهب عقلى بالكام أفقت على صوته وهويصيح ((أحمد ! الى إين ذهبت يا احمد أبق معنا على الارض وساعدنى حتى أركن السيارة ))
نظرت له بضيق شديد أتعرفوا هو صديقى ولكن فى بعض الاحيان اتمنى ان ينفجر فى مكانه...
هو منتزه أكثر منه مقهى او كما تقول مقهى مفتوح .
جلست .. بجانبى حوض زهور ...طلبت عصير وصاحبى طلب قهوة مظبوط
قلت له وأنا أستحى رشفات من العصير ((لابد أن تتوفر فى أمراة هذه المواصفات يا اسلام ))
قال لى ((لا أظن انت تطلب الكمال والكمال لله وحده..والمثل الشعبى يقول الحلو لا يكمل.))
أصابنى بالأحباط فعلا نظرت له متجهماً ثم قررت أن أنشغل عنه بالتأمل فى المنتره..
ثم رأيتها..تسمر بصرى..تسمرت روحى لرؤيتها هى بشعرها المنسدل الاشقر وقد عقدته بفرشاة الوان مياه تبتسم بثغرها الجميل الصغير وتتبسم وجنتيها الحمراوتين ..تحرك ايديها وتلعب بأناملها الجميلة على لوحة رائة لوردة غاية فى الروعة ..تركز فى الرسم بعينها الجميلتين ..رأيتها قلبى هفهف أحسست أنى طائر فى سحب الهيام واغرد بأجمل أغانى العشق فى صمت .. تسمرت بعينى عليها لم يعد يهمنى أن يرانى أحد وانا احدق بها ..توقف الزمن .. لم يعد يوجد غيرى وغيرها.
نظرت إلى ..
أندهشت فى اول الامر ..
ثم أبتسمت ..
أبتسمت هي لى ..
أحسست أنى سيغشى على من شدة ماحدث ..تأملتها وهى ترسم وتركز كأنها فى عالم اخر من عوالم الابداع والجمال وكأنها لا تحس بضوضاء او أى صوت يعكر هذا الابداع ..
قطع الحلم الجميل صوت صديقى بنذرنا بالذهاب ..
أحسست بأن حلمى أنقطع وتحول إلى كابوس ولكن يجب أن أذهب لأننا مرتبطين بمواعيد هامة
طلبت الحساب و سألت النادل عن هذه المرأة فقل (( أه هل تقصد أنسه فرح ؟)) .. سمعت الاسم ورقص قلبى طرباً ولم أسمع أى شئ مما قاله النادل وتركت النقود وتركت المكان وأنا عازم على العودة مرة أخرى ..
مر يوم أو يومين ورجعت مرة أخرى الى المقهى وجدتها جالسة نفس الجلسة تنظر بعينين حالمتين الى الافق ..ترددت هل أذهب أم لأ لا أريد أن أفعل أى فعل متهور يضيع منى فينوس أحلامى
ولكنى لم أحتمل ان لا أقوم بهذه الخطوة يجب أن انتقل من سماء أحلامى الى ارض الواقع عقدت العزم وذهبت إليها وقفت أمامها ...أه ياقلبى ماهذا الملاك الرائع يا إلهى أهى مخلوقة أخى من غير الانس أولدت مثلنا ..لا.. لا أعتقد انها ولدت لبشر أنها فى جمالها ورنقها كائن سحرى ملائكى يخلب الالباب جلست أمامها وأنا هائم ..نظرت إلى وكشف ثغرها عن أبتسامة صغيرة أحسست وقتها أنى حلقت فى السماء من سعادتى ثم حاولت ان اتمالك نفسى حتى أستطيع أن انطق الكلمات عندما بدأت أن اتكلم ..نظرت الى المنضدة وصعقت .. أهذه صورتى المرسومة على الورقة نعم انه انا هذه ملامحى ولكنها رسمت بطريقة اجمل بل بيد أجمل .. أخذت اتأمل الصورة ثم وجدت أناملها ترفع ذقنى ونظرت إلى وأبتسمت ثم نظرت متشككة فقلت لها على الفور الصورة رائعة جميلة جدل تشبهنى بل هي احلى منى أيضاً
..رسمك رائع يا أنسة أم أم نظرت الى اللوحة وتصنعت بأنى أقرأ التوقيع حتى اعرف الاسم الذى أحفظه عن ظهر قلب وكتبته على كل كتبى واوراقى بل على ورقة ووضعتها على سريرى
قلت.. أه فرح ياله من أسم جميل
نظرت إلى وتوردت وجنتيها وقالت شكرا!
أه ه ه أهذا صوت بشرية ام تغريد عصافير وقبل أن اكمل جاء سيدة فى العقد الرابع من العمر يظهر عليها أمارات الوقار والعلم وجاءت وقالت لى عن اذنك يا أستاذ ....قلت لها أحمد... قالت أ\احمد مضطرة أن أخذ فرح حتى اقلها الى المنزل ..فرصة سعيدة ..قالت فرح ..دى طنط أمل.. صاحبة ماما
نظرت لها حزينا وقلت لها انا أسعد ثم أخذت فرح ومشيت رأيتهما وهما يبتعدان وفرح تلهو مع الاطفال فى طريقها تحس وكأنها طفلة تلهو وتجرى وتلعب معهم يالها من روح شفافة جميلة ورائعة هى جميلة حتى مع الاطفال فعلا وجدت الجمال الكامل !
أستمرت لقائتنا فى المقهى أو المنتزه ..
وأتكلم انا كثيرا وأحكة وأفتح مواضيع وأغلقها وهى تنظر الى فى أعجاب وأنبهار الاطفال وتوافق على بعض كلامى وتضحك كثيرا من نكاتى أو تخاف من كلمة مخيفة أو قصة مرعبة ولكنها كانت قليلة الكلام بل كان كلامها مجموعة من الكلمات الصغيرة المرتبة وهذا لايمثل لى مشكلة فوجهها الجميل يتكلم معبرا عن حالها وعينيها الرائعتين تحكى الاف الحكايات وشفتاها الساحرة تحكى دون ان تتحرك ...ملايين القصص المسلية ولكن ماكان يعكر صفائنا كل لقاء يجب ان تأتى مدام أمل هذه لتقطع لقائنا لتأخذ فرح بعيدا عنى تقلها فى السيارة فتسألت كيف لأنسة كفرح تبلغ من العمر 23 عام لا تعرف القيادة وتجبت من هذا لكن لم أضع له أعتبار وقررت ان أخذ الخطوة التالية ذهب اليها فى هذا اليوم وجلست امامها وقلت لها فرح ... أنى أحبك ... نظرت الى بمفاجأة كبيرة ونظرت فى عينيها ثم تصنعت الخجل ووضعت يديها الناعمتين عل يدى وقالت وفرح كمان بتحب أحمد طرت من المقعد من السعادة وأخذت أقفز فرحا والناس تنظر إلى بإستعجاب صائحا أحمد بيحب فرح وبدورها وقفت فرح وأخذت تقفز وتقول بصوت عال وفرح بتحب أحمد
ثم ادركت ماحولى من البشر وأحسست بالخجل من هذا الفعل وهى ايضا ولكنخا لم تهتم وقالت مدام احمد بيحب فرح وفرح برضه بتحب أحمد يبقى مش مهم اى حد وقلت لها فرح انا عايز أتقدم ليكى عايز أشوف بابا قالت عايز تشوف بابا ..ثم اخذت تفكر ثم وضعت يديها فى حقيبتها الصغيرة المعلقة على رقبتها وأعطتنى وريقة نظت لها وجدت مكتوب فيها عنوان منزل
والد فرح أ\ حسن عبد الرحمن
العنوان: 2 شارع المواردى متفرع من شارع الهرم الدور الرابع
وقلت حسنا أنا قادم لك الليلة وقبل أن اكمل كلامى جاءت هادمة الملذات مدام أمل تطلب فرح لتقلها نظرت إليه فى حنق وقلت فى نفسى عندما أخطبها لن تستطيعى أخذها منى مرة أخرى .
تأنقت الليلة وارتديت افضل بدلة لدى وتوكلت على الله وذهب الى البيت ووقفت اما الباب لدى رهبة خفيفة لكنى تمالكت نفسى ونقرت الباب .
فتح لى رجل وقور فى العقد الخامس من العمر قلت له أ\حسن عبد الرحمن قال نعم ومن حضرتك ؟ قلت له أحمد مندور نظر إلى بقلق وقال تفضل أ\احمد
أهلا وسهلا ...
دخلت الشقة أنهم أسرة ميسورة الحال فعلا تأكدت من ذلك عندما رأيت الاثاث الباهظ والطلاء ذو الذوق الرفيع والتحف المتناثرة فى اركان البيت فى عناية والديكور المتقن والاضاءات تأكدت من انها عائلة راقية وقلت فى نفسى فعلا وجدت الجمال الكامل.
جلست وقدم لى المشروب ثم قالت يا أ\حسن أعتقد أن أبنتك أعطتك فكرة عنى قال فى قلق نعم أ\أحمد أبنتى لا تتحدث إلا عنك (فرحت فى قلبى ) وقلت حسنا يا عمى أنا أطلب يد أبنتك فرح .
اشاح بوجه عنى وقال أسف استاذ احمد لا أتسطيع أنا غير موافق .
سقطت على تلك الكلمة كالصاعقة وقت وأنا غير مدرك لماذا يا استاذ حسن أنا شخص مناسب بالنسبة للقدرة المالية والحمد لله مقتدر وسوف أعيش أبنتك فى نفس المستوى الاجتماعى وكل طلباتكم مجابة وأبنتك فى عينى لماذا ترفض ؟ قال لى يا أبنى هذه الفتاة لا تناسبك وأنت لا تناسبها قلت له لماذا رد على بعنف: هذا كل ماعندى أنا اسف المقابلة أنتهت...
ثم ذهب الى الباب وفتحه وقال لى مع السلامة يا استاذ أحمد ....
نظرت الى فى عدم ادراك شلتنى المفاجأة وأصبحت غير مدرك لما حولى.
خرجت من عنده وانا فاد الحياة مذهول محطم ..أهدافى الحياة أختفت وقد فقدت أهم هدف ألا وهى فرح.
أخذت أجازة من العمل وتوقفت عن مقابلة الناس وجلست فى المنزل بلا هدف لا أفعل شئ ..كبرت ذقنى حتى اصبحت كأنسان الكهف لا استحم مالفائدة لا أكل مالفائدة و اصبحت مدخنة سجائر لا أخرج من المنزل إلا أن اذهب الى المقهى أو المنتزه أيا كان اسمه ومن ذلك اليوم لا تذهب فرح الى هذا المكان ..أختفت من حياتى فجأة كما ظهرت فجأة بعد ان اعطتنى كل شئ أخذت من كل شئ ايضا .. كل يوم أذهب أسأل اذا جاءت اليوم هل جاءت اليوم يقول لى النادل لا أحس بصوت التحطيم فى مشاعرى واليأس والاحباط .
يوما ما جلست على المقهى على امل أن تأتى فرح ثم رأيت النادل يأتى إلى ويعطينى مظروف , نظرت له وقلت له من من هذا قال جاءت د.امل وأعطتنى هذا الخطاب وقالت لى أن أعطيها لك نظرت اليه بسعادة وأمتنان و قلت إذا هو من فرح الحمد لله لزالت تتذكرنى فتحت المظروف بسرعة وفى شوق ولهفة بدأت أقرأ الخطاب
الخطاب
أ\أحمد مندور
بعد التحية ..
أشكرك أولا على تعاملك مع فرح بهذا الرقى والنبل فقدت اعطيتها أمل فى الحياة مرة أخرى ولكنى لا حظت تعلقك بهذا الملاك البرئ اعتقدت أنها علاقة صداقة عادية وكلن فرح قالت لى فى هذا اليوم انك طلبت يديها للزواج وأنك تحبها وأنك ذاهب الى والدها والصراحة أدركت أنك لم تعرف الحقيقة أو أجبرت نفسك على عدم ملاحظة الحقيقة فمرأة الحب كما يقولون عمياء ولكنى مضطرة أن أعترف لك أن فرح مصابة بالتوحد والتأخر العقلى فهى سنها 23 عام وعمر عقلها حوالى 9 اعوام كما قلت لك ملاك برئ ولما وعدتها بالزواج خفت عليها من التعلق بك وبامل زائف فذهبت الى والدها وأخبرته بقصتكم وقلت له بأن يرفض الزيجة لمصلحتك يا أ\ أحمد اولا ولمصلحة فرح لأنها غير مؤهلة للزواح وكان متعاونأ جدا
أعتذر لك مرة أخرى عن الألم الذى سببته وأتمنى لك التوفيق فى حياتك القادمة
شكرا
د.أمل صباحى
أخصائية أمراض عصبية ونفسية
...
أغلقت الخطاب وأنا فى حالة من الذهول الشديد ثم بدأ عقلى المشلول يعمل وأنطلقت الصور فى عقلى ..طريقة كلامهاةتلعثمها فى بعض الكلمات.. حركتها الطفولية ..فساتينها .. حقائبها المرسوم عليها شخصيات الرسوم المتحركة ..ولعبها المستمر مع الاطفال .
كيف لم ألاحظ كل هذا كيف كيف؟
غبى ! غبى ! ثم نظرت الى الافق البعيد بذهول شديد وارتسمت امامى صورة صديقى اسلام ضاحكا قائلا" مش قلت لك الحلو ميكملش!"
